مسرحية أفار..الجسد يحتفي بالموروث الثقافي اللامادي
وسط اجواء رمضانية كان لجمهور بني ملال و عشاق اب الفنون يوم الجمعة 15 ابريل 2022 برحاب دار الثقافة موعد مع عرض لمسرحية ”أفار“ لفرقة ”دراميديا“.فعلى امتداد ساعة من زمن العرض سافر بنا طاقم المسرحية الى عوالم الاحتفاء بالجسد من خلال بناء دراماتورجي تبلور في توظيف واع للتعبير الجسدي˓تعبير اعطى لوحات حالمة مؤسسة على الدندنة والغناء و بين الفينة و الاخرى حوارات مقتضبة.هذه الاخيرة و كانها فترات استراحة للجسد و دعوة للمتلقي للدخول في لعبة التاويل و بناء المعنى و استخراج الدلالة انطلاقا من مراجع ثقافية غنية تنهل من الموروث الثقافي اللامادي المغربي بكل تلاوينه.
مسرحية ”أفار“ الفائزة بجائزة المسابقة الوطنية لمهرجان “أفولاي” للمسرح الأمازيغي بتزنيت في دورته الثالثة سنة 2021 ولدت بعد بحث عميق في التراث الثقافي اللامادي في شقه الأمازيغي.فالحديث عن الموروث الشفهي الامازيغي هنا جسده بوبكر امولي مخرج المسرحية بالعودة الى الطقوس الاحتفالية في شكل اهازيج و اغاني ورقصات المناسبات كجزء لا يتجزأ من هوية المغرب الرحب الذي يسع للكل و لثقافة غنية و متنوعة ،و يمكن القول ان مخرج هذا العمل تفوق الى حد بعيد في الجمع بين خفة الجسد و مرونته و اغاني و موسيقى معاصرة و اخرى امازيغية لازالت حية و صامدة امام تحولات مجتمعية رهيبة ˓لكن الملاحظ هو تقليص من مساحة حضور النصوص السردية الطويلة الباعثة على الممل و النفور في غالب الاحيان.لقد جعل بوبكر امولي من الحوارات القصيرة و على قلتها و لوحات الرقص الجسدي مشكلة مشاهد تعبيرية منسجمة وإيقاعات موسيقية متناغمة محيلة على واقعنا المعاش والأليم الذي يعد مرجعا لها.لقد جعلت فاضمة من التعبير الجسدي اداة تعبر تبحث من خلالها عن حقيقة و مكانة المرأة داخل عالم متوحش فيه الرجل اصبح غير قادر على الدفاع عن كرامته المجسدة في حواء و قبيلة الفئران المتربصة ببني البشر بشكل عام و المرأة خاصة من اجل تقزيم و وضع حرية الفرد تحت الرقابة. تعيش المرأة مختلف أنواع الصراع وتكشف عنه من خلال اهازيج مشحونة بدلالات المعاناة و عدم القدرة على تحدي الجسد الذي خان فاضمة في لحظة ضعف انساني امام اتحاد قبيلة الفئران.
بالعودة الى المعيش للانسان و الذي يعد الصراع سماته˓فلقد اخذ هذا الصراع في مسرحية “أفار” بعدا ثلاثيا حضيت فيه حواء بالمحورية ، حيث تعد قبيلة “الفئران” الطرف الأقوى في مواجهة فئة ثالثة من هذا العيش̸ الصراع من خلال جنس “الرجل”.فهذا الاخير يصارع “الفئران” حول من تكون له المراة.من الوهلة الولى يبدو للمتلقي ان هذا الصراغ يندرج في اطار الغرائبية و اللامنطقية لكن لا حدود للنتخيل في كل ابداع فني يستند على الاستعارة و المجاز للاحالة على الواقع الانساني˓و رغم هذه الغرائبية فان الواقع اليومي يبقى حاضرا بل و محيلا عليه. تسلسل الأحداث جعلنا نكتشف – و في قراراة انفسنا شيء من الرفض- ان قبيلة “الفئران” تفوقت على “الرجال” في نيل حضوة حواء و التي اجبرت على العيش و مشكلة للبعد الثالث في تيمة الصراع و هي تجابه قبيلة الفئران.
خلاصة هذا العمل السرحي الجميل هوان المرأة بتوظيفها للحيلة دون الدخول في صراع مع الاخر قبيلة “الفئران” استطاعت ان ترجح الكفة لصالحها لها للغلبة رغم انها الطرف الأضعف بدنيا في هذا التحدي.هذه النهاية تكريس و تاكيد للفكرة المشتركة بين كل المجتمعات و التي تعتبر ان المرأة أوسع حيلة من الرجل. لقد استمدت المراة حيلتها بالاعتماد على مقومات انوثتها و جسمها الذي جعلت منه سلاحا فتاكا دون المساس بالحياء العام.سلاح مؤسس على ترسانة من الاهازيج و الإيقاعات والرقصات التعبيرية.