طارق ياسيني يكتب : هل هو فن ام عفن؟
طارق ياسيني
اولا لنتفق اننا لسنا ضد الفن ولا ضد حرية الإبداع ولكن نحن ضد التفاهة، فالفن والإبداع الهادف سعى دائما الى التمرد على الصور النمطية بهدف تنوير العقول ودفعها للتفكير والنقد والتساؤل وليس العكس الذي يكرس صورة نمطية في تمثلات الآخرين بعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع بهدف استهداف فئة اجتماعية والنيل من كرامتها ومكانتها الاعتبارية في المجتمع بدل تسليط الضوء عن التناقضات المجتمعية المسكوت عنها.
صحيح ان سلسلة “ولاد ازة” التي تعرض في الاعلام العموم والذي يمول بالمليارات من اموال دافعي الضرائب (انا وانت وغيرنا) خلقت جدلا وامتعاضا وسط الاسرة التعليمية بعد الاساءة لصورة رجل التعليم والمبالغة في احتقاره بصورة لا تتناسب لا مع دوره ولا مكانته في المجتمع.
اننا نعتبر ان هذا التجسيد المنحط لرجل التعليم هو إساءة ممنهجة ومقصودة للمعلم و كذا للمدرسة العمومية، وللامانة انا شخصيا في مساري الدراسي وخلال مزاولة المهنة لمدة تفوق 20 سنة لم أصادف شخصية قريبة من الشخصية التي تم التسويق لها، خصوصا ان هذه الاهانة تأتي بعد معركة تاريخية للاسرة التعليمية والتي كان جوهرها وشعارها أولا هو تحسين المكانة الاعتبارية للاستاذ داخل المجتمع، ولكن للأسف هناك من يستهدف المدرسة والاستاذ باعتباره قدوة للناشئة ونحن نعرف جيدا الهدف من ضرب القدوة وضرب منظومة القيم داخل المجتمع.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يتم تسليط الضوء على الادوار الطلائعية التي يلعبها الاستاذ في المجتمع وبمختلف المجالات السياسية، الحقوقية، النقابية، الاجتماعي، الثقافية وووو… حيث ان عبر التاريخ ساهم رجل التعليم دائما في تطور وتنمية المجتمع في شتى المجالات بما فيهم المجال الفني من خلال الحياة المدرسية داخل المؤسسات التعليمية.
اعتقد اعتقادا جازما ان استهداف الاستاذ خلال هذه السلسلة ليس بريئا، كما اعتقد ان على القائمين على مجال السمعي البصري تحمل مسؤولياتهم تجاه الوطن والمجتمع، فالوطنية ممارسة ليست شعار يرفع في المناسبات، فجل ما يتم عرضه في الاعلام العموم للأسف بعيد كل البعد عن الفن وعن الهدف الذي يجب ان يلعبه للمساهمة ايجابيا في الاصلاح، وان اقل ما يمكن فعله الآن هو تقديم اعتذار لنساء ورجال التعليم.
هناك وجهة نظر تقول ان صورة الاستاذ الذي تم تسويقها هي الصورة التي يطمح البعض ان يرسخها في ادهان الاخرين من اجل الوصول لها مستقبلا، اقول لكم بصراحة وبتجرد وموضوعية ان البيت الشعري الذي قاله احمد شوقي لم يكن عبثا “قم للمعلم وفيه التبجيلا فقد كاد المعلم ان يكون رسول” فمهما تم استهداف المعلم ومهما حولت النيل منه فقد كُتب له ان يكون منارة للمجتمعات الانسانية، وسنظل كذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فهذا قدرنا ببساطة…
وختاما اود ان انبه الى شيء مهم : ان كنا نصرف مليارات من المال العام لتمثيل واقع بعيد عن الحقيقة والواقع فالأحري صرف هذه المليارات على الواقع نفسه للمساهة في إصلاحه دون تمثيل.