العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان: حرية التعبير تتقلص والاعتقال على خلفية الاحتجاجات يكشف خللاً في حماية الحقوق


نبهت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى تراجع مقلق في مساحة التعبير الحر بالمغرب، معتبرة أن الصحافة المستقلة تواجه ضغوطاً متزايدة، فيما تُستعمل المتابعات القضائية المرتبطة بالرأي والنشر بشكل يُفرغ المقتضيات الدستورية من مضمونها، ويجعل حرية التعبير ممارسة محفوفة بالمخاطر، وهو ما برز بوضوح خلال احتجاجات “جيل زد”. وأكدت العصبة، في بلاغ لها بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أن استمرار الاعتقالات والمتابعات في سياقات مرتبطة بالاحتجاجات الاجتماعية يُعد دليلاً على خلل في فهم الوظيفة الحقيقية للقانون، والذي يفترض أن يكون وسيلة لحماية الحقوق لا الحدّ منها.

وانتقدت التنظيم الحقوقي التأخر في تنفيذ توصيات العدالة الانتقالية ومبادئ عدم التكرار، إلى جانب غياب إرادة سياسية لإحياء مسار المصالحة الشاملة. وسجلت كذلك أن الحق في الحصول على المعلومة لا يزال محاطاً بعراقيل تمنع الشفافية وتحد من قدرة المجتمع على مراقبة السياسات العمومية. كما اعتبرت العصبة أن امتناع السلطات التابعة لوزارة الداخلية عن تسليم وصولات الإيداع للجمعيات يمثل خرقاً صريحاً للحق في التنظيم، وتعارضاً مع الدستور والمواثيق الدولية.

وفي ما يتعلق بالوضع داخل المؤسسات السجنية، أشارت العصبة إلى أن نسب الاكتظاظ المرتفعة والاعتماد المفرط على الاعتقال الاحتياطي يمسان قرينة البراءة ويضغطان على البنية التحتية للسجون، مما ينعكس سلباً على كرامة السجناء وظروف إيوائهم. وعلى المستوى الاجتماعي، أبرز البلاغ تراجع القدرة الشرائية، وضعف جودة المرافق العمومية، واتساع رقعة الهشاشة والفقر، مؤكداً الحاجة الملحة إلى تعزيز الحق في العمل اللائق في ظل هشاشة سوق الشغل وضعف شروط السلامة وعدم استقرار الدخل.

وشددت العصبة على أن بناء مجتمع ديمقراطي يمر عبر حماية الحريات الفردية والجماعية، وصون حرية الإعلام، واحترام الحق في التنظيم والتظاهر السلمي، وتوسيع الفضاء المدني، مع تجاوز المقاربات الأمنية في التعامل مع المطالب الاجتماعية. وطالبت بالموازاة مع ذلك بالإفراج الفوري عن معتقلي الرأي والمحتجين السلميين، خاصة معتقلي حراك الريف والموقوفين على خلفية احتجاجات “جيل زد”.

ودعت العصبة إلى مراجعة شاملة للترسانة القانونية المتعلقة بالحريات العامة، بما فيها القانون الجنائي وقوانين الصحافة والنشر وحرية التجمع والجمعيات، وملاءمتها مع المعايير الدولية. كما أوصت بإحياء مسار العدالة الانتقالية، وتفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ووضع سياسات عمومية تقلص الفوارق الاجتماعية والمجالية وتحسن جودة الخدمات الأساسية.

وحثت العصبة على إطلاق استراتيجية وطنية لمكافحة العنف الرقمي والعنف المبني على النوع، وتعزيز استقلالية القضاء وضمان المحاكمة العادلة، وتمكين المواطنين من الولوج الشفاف إلى المعلومة، مع احترام حقوق المهاجرين واللاجئين، ودعم الصحافة المستقلة باعتبارها ركيزة من ركائز مجتمع يحترم حقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button
error: المحتوى محمي !!
Close

تم الكشف عن مانع للإعلانات

يرجى إيقاف مانع الإعلانات للاستمرار في التصفح

نلاحظ أنك تستخدم مانعاً للإعلانات. يعتمد موقعنا على عائدات الإعلانات لتقديم محتوى مجاني عالي الجودة. نشكرك على إيقاف مانع الإعلانات وإعادة تحميل الصفحة للوصول إلى المحتوى.

نشكركم على دعمكم!