القضاء يُلزم حمّاماً شعبياً بالدار البيضاء بتعويض ورثة ضحية انزلاق قاتل بـ140 ألف درهم

في واقعة أعادت إلى الواجهة المثل المغربي الشهير «دخول الحمّام ماشي بحال خروجو»، ولكن هذه المرة بطابع مأساوي، أصدرت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء حكماً قضائياً لافتاً يقضي بتعويض ورثة رجل توفي متأثراً بمضاعفات حادث انزلاق خطير داخل أحد الحمّامات الشعبية بالمدينة.
وقضت المحكمة بمنح ذوي حقوق الهالك تعويضاً مالياً إجمالياً قدره 140 ألف درهم، في حكم يُرتقب أن يشكّل اجتهاداً قضائياً مرجعياً في قضايا المسؤولية التقصيرية المرتبطة بالأماكن المفتوحة في وجه العموم.
وتعود تفاصيل الحادث إلى يوم توجّه فيه الضحية إلى حمّام شعبي قصد الاستحمام، قبل أن يتعرّض لانزلاق مباغت داخل قاعة الاستحمام، نتيجة تراكم مواد عادمة ولاصقة، من قبيل الصابون ومخلّفات الاستحمام، التي لم يتم تنظيفها من أرضية المكان.
ولم يكن السقوط عارضاً، إذ تسبّب للضحية في كسور خطيرة على مستوى الحوض، استدعت نقله بشكل مستعجل لتلقّي علاجات مكثّفة، شملت تدخلات جراحية دقيقة ومتابعة طبية متواصلة، ما أسفر عن عجز تام عن العمل دام ستة أشهر، قبل أن توافيه المنية متأثراً بمضاعفات الحادث.
وقبل وفاته، بادر الهالك إلى رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الابتدائية، مطالباً بتعويضه عن الأضرار الجسدية والمادية التي لحقت به، غير أن المسطرة استمرّت بعد وفاته لفائدة ورثته.
وخلال أطوار المحاكمة، حاولت شركة التأمين الدفع بكون الحادث عرضياً ولا يمكن تحميل مسؤوليته لصاحب الحمّام، مرجعة الواقعة إلى أسباب شخصية أو إلى قضاء وقدر، في محاولة للتنصّل من واجب التعويض.
إلا أن المحكمة أمرت بإجراء خبرة تقنية، خلص تقريرها إلى وجود إهمال واضح من طرف إدارة الحمّام، نتيجة عدم اتخاذ التدابير الوقائية الضرورية، خاصة ما يتعلق بصيانة الأرضية وتنظيفها بشكل منتظم، وهو ما جعل المكان يشكّل خطراً حقيقياً على سلامة المرتفقين.
واستناداً إلى نتائج الخبرة، حمّلت المحكمة المسؤولية لصاحب الحمّام بصفته «حارس الشيء»، معتبرة أنه مسؤول عن الأضرار التي يحدثها المحل الخاضع لحراسته في حال عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة.
وقضى الحكم بتحمّل صاحب الحمّام وشركة التأمين، بشكل تضامني، أداء التعويضات المحكوم بها، والتي شملت استرجاع مصاريف العلاج المقدّرة في 6350 درهماً، إضافة إلى تعويضات عن العجز المؤقت والأضرار الجسدية والمعنوية التي لحقت بالضحية قبل وفاته، فضلاً عن تعويضات لفائدة ورثته جبراً للضرر اللاحق بهم جرّاء فقدان معيلهم.



