اليوم العالمي للقضاء على الفقر مناسبة لاستحضار جهود المغرب لدعم الفئات المعوزة وتحقيق العدالة المجالية
على غرار باقي دول المعمور، يخلد المغرب اليوم العالمي للقضاء على الفقر، الذي يصادف ال 17 من كل سنة، وهي مناسبة لتعزيز الوعي بضرورة مكافحة هذه الآفة، التي لا تزال تشكل تحديا كبيرا للمجتمع الدولي.
ويأتي شعار اليوم العالمي للقضاء على الفقر لهذا العام “العمل اللائق والحماية الاجتماعية – وضع الكرامة موضع التنفيذ للجميع” ليؤكد على أهمية حصول الجميع على العمل اللائق والحماية الاجتماعية بوصفهما دعامتين أساسيتين لضمان الكرامة الإنسانية للجميع.
ويشكل هذا اليوم مناسبة للوقوف على الجهود الموصولة التي يقوم بها المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل محاربة الفقر والإقصاء بكل أبعاده عبر وضع استراتيجيات وبرامج مبتكرة في إطار أوراش وطنية كبرى واستراتيجيات قطاعية من أهمها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وورش تعميم التغطية الاجتماعية.
فقد مكنت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في مراحلها الثلاث، من التقليص من نسب الفقر في العالم القروي، والإقصاء في الوسط الحضري، وتدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية والخدمات الأساسية بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا، من أجل فك العزلة وتحسين الظروف السوسيو-اقتصادية للفئات المعوزة.
وفي إطار محاربة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي، فقد ساهمت الجهود المبذولة والتعبئة القوية التي شهدتها المبادرة خلال المرحلتين الأولى (2005-2010) والثانية (2011-2018)، وفق استراتيجية شمولية ترتكز على البعد الترابي والمقاربة التشاركية مع مختلف الفاعلين المعنيين بالحقل التنموي، في بلوغ المغرب الرتبة الثالثة عالميا ضمن تصنيف البنك العالمي لأحسن البرامج والمبادرات الاجتماعية الهادفة.
كما أن تقريرا صدر خلال شهر يوليوز الماضي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي سلط الضوء على جهود المغرب للحد من الفقر، مؤكدا أن المملكة توجد ضمن 25 دولة خفضت الفقر إلى النصف خلال 15 عاما.
وقد عرفت جهود المملكة من أجل محاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية زخما قويا تحت تأثير تداعيات جائحة “كوفيد-19″، والتي أسهمت في تسريع تنزيل مفهوم الدولة الاجتماعية التي تروم التدخل من أجل حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطن.
ويشكل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس في أبريل 2021 بفاس، ثورة اجتماعية حقيقية، لما له من آثار مباشرة وملموسة في تحسين ظروف عيش المواطنين، وصيانة كرامة جميع المغاربة، وتحصين الفئات الهشة، لاسيما في سياق ما أصبح يعرفه العالم من تقلبات اقتصادية ومخاطر صحية.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي محمد جدري إن المغرب استخلص مجموعة من الدروس من جائحة “كوفيد-19″، مبرزا أن برنامج الحماية الاجتماعية، الذي يخول للمواطنين العيش بكرامة، يضمن استفادة جميع المغاربة من التأمين الإجباري عن المرض كيفما كانت وضعيتهم أو اشتغالهم في القطاع العام أو الخاص.
كما شدد، في تصريح له على أن تقليص التفاوتات المجالية وتحسين الولوج الى الخدمات الصحية والتعليم “كلها أمور ستغير من المعيش اليومي للمغاربة وستخول لهم العيش بكرامة”.
ويعتبر دعم الفئات المعوزة من الدعائم الأساسية لورش الحماية الاجتماعية. ويأتي السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، وهما آليتان لتجميع أنظمة المساعدة الاجتماعية ، لتعزيز الإجراءات العملية لتعميم نظام المساعدة الاجتماعية، من أجل ضمان الولوج السهل إلى برامج الدعم الاجتماعي وتعزيز فعاليتها، وتسهيل تحديد واستهداف المستفيدين.
وقد أكد جلالة الملك في الخطاب السامي الذي وجهه لأعضاء مجلسي البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، أنه سيتم الشروع في نهاية هذه السنة، في تفعيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر.
وتابع جلالة الملك أنه تجسيدا لقيم التضامن الاجتماعي، الراسخة عند المغاربة، “فقد قررنا ألا يقتصر هذا البرنامج، على التعويضات العائلية فقط؛ بل حرصنا على أن يشمل، أيضا، بعض الفئات الاجتماعية، التي تحتاج إلى المساعدة”، مشيرا جلالته إلى أن هذا الدعم يهم الأطفال في سن التمدرس، والأطفال في وضعية إعاقة؛ والأطفال حديثي الولادة؛ إضافة إلى الأسر الفقيرة والهشة، بدون أطفال في سن التمدرس، خاصة منها التي تعيل أفرادا مسنين”.
وأوضح جلالة الملك أنه بفضل أثره المباشر، سيساهم هذا البرنامج، في الرفع من المستوى المعيشي للعائلات المستهدفة، وفي محاربة الفقر والهشاشة، وتحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية.