من فوق “شاطو” إلى مثواه الأخير.. نهاية مأساوية لاحتجاج بوعبيد على موت والده

توفي،في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، الشاب الذي نفذ اعتصامًا فرديًا فوق خزان مياه مرتفع (شاطو) بجماعة أولاد يوسف بإقليم بني ملال، متأثرًا بجروحه البليغة، بعد أربعة أيام قضاها تحت العناية المركزة بقسم الإنعاش في المستشفى الجهوي ببني ملال، عقب سقوطه المأساوي من أعلى الخزان في ظروف هزت الرأي العام المحلي والوطني.
الراحل، المسمى بوعبيد، كان قد دخل في اعتصام فردي دام 18 يومًا فوق الخزان، مطالبًا بفتح تحقيق في وفاة والده التي وصفها بـ”الغامضة”، معتبرا أن القضية لم تنل حقها من الإنصاف، وذلك وفق تصريحات بثها في فيديوهات مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي من فوق موقع احتجاجه. ورغم محاولات عديدة من السلطات المحلية، واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، وعدد من أقاربه لإقناعه بالنزول، إلا أنه رفض التراجع، متمسكًا بموقفه.
خلال يوم الجمعة الماضي، شهد الاعتصام تصعيدًا خطيرًا، بعدما أوهم بوعبيد عناصر الوقاية المدنية بأنه يعاني من وعكة صحية، ليتحول ذلك إلى حادث مأساوي، حيث قام باحتجاز أحد رجال الوقاية المدنية واعتدى عليه بآلة حادة، قبل أن يدفعه من أعلى الخزان، ما تسبب له في كسور خطيرة نقل على إثرها إلى مصحة خاصة ببني ملال. وفي مشهد إنساني لافت، وثّقته الكاميرات، ظهر بوعبيد لاحقًا وهو يحاول تضميد جراح الضحية، قبل أن يُقدم مجددًا على ربطه بالحبل.
وبعد ساعات قليلة من هذه الأحداث، وأثناء تدخل أمني خاص لمحاولة إقناعه بالنزول، اختل توازن بوعبيد، وكان حينها قد لف حبلاً حول عنقه، ليسقط من أعلى الخزان ويتدلى لبضع ثوانٍ، قبل أن يتدخل أحد عناصر الدرك الملكي ويتمكن من قطع الحبل، ما أدى إلى سقوطه بقوة على سرير هوائي (كونفلور)، ثم نقله في حالة حرجة إلى المستشفى الجهوي، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة صباح اليوم.
القضية أثارت ردود فعل واسعة، بين من تعاطف مع الشاب واعتبر أن احتجاجه كان تعبيرًا عن إحساس بالظلم والتهميش، ومن دعا إلى فتح تحقيق شامل في ملابسات الحادث، بما في ذلك الطريقة التي تم بها التعامل مع الاعتصام من طرف الجهات المختصة.
تظل قصة بوعبيد شهادة مأساوية على هشاشة التواصل بين المواطن والمؤسسات، وعلى فشل القنوات الاجتماعية في احتواء الغضب وتوفير مسارات حقيقية للعدالة، حين يجد شاب نفسه مضطرًا إلى أن يعتلي الخطر من أجل أن يُسمع صوته، قبل أن ينتهي صراخه في صمت قاتل.