محمد لحياني: LE61.MA
بين أحضان جبال الأطلس الصغير، وفي قلب قرية تافراوت العريقة، يبرز مهرجان أناروز في دورته السابعة كاحتفال متألق بالثقافة الأمازيغية، جامعا بين الماضي والحاضر في تناغم فريد. ومع توافد الزوار والمشاركين من مختلف أنحاء المغرب للاحتفاء بهذا الحدث، تظل نساء تافراوت رمزا للأصالة والحشمة، متمسكات بلباسهن التقليدي ومتجنبات التصريحات الصحفية والأضواء الإعلامية.
في أروقة المهرجان، حيث يتوافد الجميع للاطلاع على الحرف التقليدية والعروض الفنية، تظهر نساء تافراوت بجلابيبهن الملونة، وحليهن الفضي اللامع، محتفظات بتقاليدهن التي تجسد الروح الأمازيغية الأصيلة. على الرغم من تزايد الاهتمام الإعلامي، تفضل هؤلاء النساء الابتعاد عن الأضواء، مكتفيات بأداء دورهن الفاعل خلف الكواليس، سواء في إعداد الأطعمة التقليدية أو المشاركة في تنظيم الفعاليات.
اللباس التقليدي الذي ترتديه نساء تافراوت ليس مجرد مظهر خارجي، بل هو تعبير عميق عن الهوية والانتماء. في ظل تأثيرات العولمة وانتشار الموضة الحديثة، يظل هذا الزي رمزا للتراث والحشمة، ووسيلة للحفاظ على القيم التي نشأن عليها. إن تمسكهن بهذا الزي يظهر اعتزازهن بجذورهن وثقافتهن، ويبرز تفانيهن في نقل هذه القيم إلى الأجيال القادمة.
ورغم أن الإعلام والمواقع الاجتماعية قد تلعب دورا محوريا في نقل وقائع المهرجان إلى العالم الخارجي، إلا أن نساء تافراوت يفضلن البقاء على الهامش، بعيدا عن صخب الكاميرات والتصريحات. بالنسبة لهن، المشاركة في المهرجان تعني الحفاظ على التراث الثقافي ونقل حكايات الأجداد للأبناء، وليس البحث عن الشهرة أو الظهور الإعلامي.
وفي ختام مهرجان أناروز، يظل الحضور الصامت لنساء تافراوت رسالة قوية؛ أن الحفاظ على الهوية لا يحتاج إلى أضواء الكاميرات، بل إلى قوة الإيمان بالتقاليد والالتزام بالحشمة والأصالة. هؤلاء النساء يمثلن جسرا حيا بين الماضي والحاضر، يثبتن من خلاله أن الأصالة ليست مجرد كلمة، بل هي نمط حياة يعيشنه يوميا، في لباسهن، سلوكهن، وأدوارهن داخل المجتمع.
بهذا، يظل مهرجان أناروز ليس فقط احتفالا بالثقافة والفن، بل أيضا تحية تقدير وإجلال لنساء تافراوت اللواتي يضفن بوجودهن وجوهرهن الكثير لهذا الحدث، جاعلات منه مهرجانا ينبض بالحياة والتقاليد العريقة، بعيدا عن صخب الإعلام والتكنولوجيا.