29 سنة على الرحيل الغامض للدكتور اللساني الأمازيغي قاضي قدور
ولد الدكتور اللساني وأحد الآباء الروحيين للحركة الأمازيغية قاضي قدور بأيت سيدال بمنطقة الريف سنة 1952، تلقى تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه وانتقل الى تطوان في مرحلة التعليم الثانوي، قبل أن يشد الرحال إلى الرباط لاستكمال تعليمه العالي بجامعة محمد الخامس حيث نال الإجازة في الأدب الفرنسي سنة 1974. ثم استكمل تكوينه بالمدرسة العليا للأساتذة إلى أن نال ديبلوم الدراسات المعمقة في الآداب.
اشتغل أستاذا مساعدا في كلية الآداب سنة 1977، وفي سنة 1979 سافر الى فرنسا بعد أن حظي بمنحة تدريب حيث ناقش بجامعة السوربون أطروحة دكتوراه السلك الثالث سنة 1981 في موضوع “الفعل في تاريفيت ؛ أشكاله وبنياته” وعاد من جديد للعمل كأستاذ بكلية الآداب بجامعة محمد محمد بن عبد الله وناقش أطروحة دكتوراه الدولة في جامعة السوربون سنة 1990 في موضوع “الارتباط المعجمي و التركيبي في تاريفيت”.
يعتبر قاضي قدور أحد أوائل المهتمين باللسانيات الأمازيغية والمشتغلين على الحقل اللغوي و اللسني الأمازيغيين، وناضل على الأمازيغية من جبهات ومواقع متعددة ، إذ أسس مجموعة البحث والدراسات اللغوية بجامعة فاس وأشرف على المختبر، ونشر مقالات علمية بشكل دوري في مجلات متعددة كتافسوت و أوال ومجلة كلية الآداب و العلوم الإنسانية بفاس ومجلة الأساس ، وكان قاضي قدور من المؤسسين لجمعية الانطلاقة الثقافية بالناضور وهي أول إطار جمعوي بالريف يعنى بالقضية الأمازيغية سنة 1978، بالإضافة إلى مواظبته على حضور كل المحافل التي تعنى بالامازيغية في الداخل والخارج واسهامه المتكرر في تأطير الندوات.
تعرض قاضي قدور لحادثة سير غامضة في 15 شتنبر 1995 نواحي مكناس، نقل على إثرها الى إحدى مستشفيات مكناس دون تدخل طبي لمدة فاقت عشر ساعات بدعوى أن جهاز السكانير في المستشفى أصيب بعطل وخلل، و لم ينقل إلى مركز استشفائي آخر رغم توفره على ضمان صحي دولي، ولم يتم نقله إلى الرباط رغم تدخل معارفه قصد ذلك، وفارق الحياة بسبب نزيف داخلي كان بالامكان السيطرة عليه جراحيا لو تم التدخل في حينه أو نقله للرباط عوض تركه دون علاج في مكناس.
خلف قاضي قدور إرثا معرفيا ونضاليا ورسم مع من عاصره من أمثاله معالم الفعل الثقافي الأمازيغي وأسهم في حضور الأمازيغية في الحقل الأكاديمي وتشكلها في المشهد السياسي. ومن بين ما قاله في هذا الصدد؛
” إن التفكير الموضوعي في الوضعية الحالية للأمازيغية يمر بالضرورة عبر فك وتجاوز التناقضات التالية :
_الإستقلال الذاتي للفعل الثقافي عن الفعل السياسي مع بناء علاقة موازية بينهما تسمح بالدفع إلى ظهور ” حركة ثقافية و فكرية تمهد الجو لنقاش سياسي و حضاري واسع تحسم فيه كثير من المتناقضات الحالية ”
_ بروز الأمازيغية كذات فاعلة ثقافيا و سياسيا في المجتمع و الدولة و ذلك بخروجها من وضعية الأداة و الموضوع لتتحرك نحو الذات .
_تمتيعها بحقها المشروع في المواطنة بصفة فعلية وليس فقط عبر التصريحات النظرية أو الظرفية”.
“…ويبقى كذلك النكران العملي للأمازيغية من طرف الدولة عائقا كبيرا من عوائق تطورها . من هنا وجب على السلطة المؤسساتية المغربية أن تدمج الأمازيغية في كل هياكل الدولة و ذلك بدءا بكتابتها على ” لوحة القانون “، أي السماح لها بدخول ” الحقيقة الحرفية” التي تعتبر إنجازا للحقيقة التحتية ألا و هي حقيقة التاريخ”.