احتجاجات بالقصيبة بسبب مشروع حفر بئر بمنتجع طبيعي: الساكنة تندد وحقوقيون يدقون ناقوس الخطر

تعيش مدينة القصيبة على وقع توتر اجتماعي وبيئي متزايد، إثر انطلاق أشغال حفر بئر في قلب منتجع “تاغبالوت نوحليمة”، وهو موقع طبيعي وسياحي يحظى بمكانة متميزة في الذاكرة المحلية، ويُعد من أبرز وجهات الزوار بالمنطقة خلال فصل الصيف.
وفي بيان توصلت به جريدة Le61.ma، عبّر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالقصيبة عن “قلقه البالغ” إزاء ما اعتبره “مشروعًا يتم تنفيذه دون أي استشارة مع الساكنة أو مراعاة لمخاوفها”، محذرًا من “عواقب وخيمة” قد تترتب عن استمرار الحفر في هذا الموقع الحساس، لاسيما على مستوى التوازن البيئي والفرشة المائية.
وحسب شهادات محلية أوردها البيان، فإن المشروع يهدد موردًا مائيًا حيويًا تعتمد عليه الفلاحة التقليدية في المنطقة، وقد يُفضي إلى تدهور المنتجع الطبيعي لتاغبالوت نوحليمة، ما قد يُلحق أضرارًا بالاقتصاد المحلي ويهدد مصادر رزق العديد من الأسر.
وفي هذا السياق، نظم عدد من الفلاحين وقفة احتجاجية سلمية يوم الخميس فاتح ماي 2025 بالقرب من موقع الحفر، عبّروا فيها عن رفضهم للمشروع وتخوفهم من تداعياته. غير أن هذه الوقفة، بحسب ذات البيان، وُوجهت بـ”تدخل عنيف” من طرف باشا مدينة القصيبة، الذي اتُّهم بتوجيه تهديدات لفظية مباشرة للمحتجين، بينها تهديد بـ”قطع الأرجل” ووعيد بالاعتقال، بالإضافة إلى ما وصفه البيان بـ”إطلاق العنان للسب والشتم والكلام النابي”، ما اعتبرته الجمعية “سلوكًا يمس كرامة المواطنين ويتنافى مع مبادئ الحوار والتشارك”.
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وصفت هذا التدخل بأنه “أسلوب سلطوي قروسطوي يعكس عقلية متجاوزة”، معتبرة أن مثل هذه التصرفات تمثل انتكاسة في العلاقة بين الإدارة والمواطنين، وتعيد إلى الأذهان ممارسات “حقبة سوداء ظن الجميع أنها طُويت”.
وفي ختام بيانها، طالبت الجمعية بالتوقيف الفوري لأشغال الحفر، وفتح حوار موسع وجاد مع الساكنة والمتضررين المباشرين. كما دعت السلطات الإقليمية والولائية إلى فتح تحقيق في سلوك ممثل السلطة المحلية، مؤكدة على ضرورة مساءلته بشأن ما وصفته بـ”التهديدات المتكررة والمنهجية”. وجددت الجمعية تأكيدها على حق الساكنة في بيئة سليمة، وفي المشاركة في تدبير الموارد الطبيعية التي تمس حياتهم اليومية.
هذا ودعت الجمعية في ختام بيانها كافة القوى الديمقراطية والجمعيات الحقوقية والبيئية إلى التعبير عن تضامنها ومواكبة الساكنة في ما اعتبرته “قضية عادلة تستحق كل أشكال الدعم والمؤازرة”.
هذا جدير بالدكر أن أشغال حفر البئر ما تزال متواصلة إلى حدود الساعة، حيث بلغ عمق الحفر حوالي 60 متراً، وهو ما يُنذر بخطر داهم على الفرشة المائية المحلية، خاصة في ظل غياب دراسة بيئية مسبقة وموافقة الساكنة، مما يزيد من حدة المخاوف بشأن استنزاف الموارد المائية وتدهور التوازن البيئي بالمنطقة.