افتتاح متحف مثالي بساحة جامع الفنا بمراكش لتعزيز التراث اللامادي – التفاصيل-
افتتح متحف التراث اللامادي الخميس 23 فبراير الجاري، بمدينة مراكش وذلك لتعزيز البنية الثقافية والحضارية، ولاستعراض حكاية ساحة جامع الفناء الاسطورية التي تمتد لسبعة قرون ومراحلها الفارقة، وجاء هذا بعد تهيئة بناية بنك المغرب الذي تم تشييدها سنة 1922، لتنسجم بشكل مثالي بين منشآت الساحة التاريخية.
ويأتي اختيار بناية هذه المؤسسة المالية التي صممها المهندسان المعماريان أوغست كادي وإدموند بريون، بالنظر إلى شكل البناية وموقعها المتميز وسط ساحة جامع الفنا وخصوصياتها وهندستها المعمارية، بالإضافة إلى الحمولة الثقافية والتاريخية والإنسانية لساحة جامع الفنا، التي خصت هذا الفضاء بمكانة فريدة، ليس فقط بالنسبة للتراث الثقافي لمدينة مراكش، ولكن أيضا لرمزية المكان ومكوناته كتراث وطني وعالمي.
وسيشكل هذا الفضاء الثقافي أيقونة لحفظ ذاكرة مدينة مراكش وساحتها التاريخية التي أعلن عنها تراثا شفويا ولاماديا من قبل اليونسكو سنة 2001، كما سيمنح حياة جديدة لمدينة مراكش ويعزز مكان اختيارها، فضلا عن تأثيرها على المستوى الدولي.
ويبرز متحف التراث اللامادي بمراكش غنى وتنوع الهوية المغربية. ويعكس الطابع الاستثنائي والمتميز للمغرب وغنى وتنوع مكونات الهوية المغربية كما ينص على ذلك الدستور.
وسيساهم المتحف في جذب السياح وتعزيز الاشعاع السياحي للمدينة الحمراء، من خلال طابعه المعماري وجمالية زخرفته التي تعكس دقة وحرفية يد الصانع المغربي.
ويشتمل المتحف الذي أشرفت على إنجازه المؤسسة الوطنية للمتاحف، على ثلاثة محطات أساسية تتعلق بالحلقة باعتبارها احدي خصوصيات الساحة التاريخية تتضمن أربع مشاهد تتوزع بين الحكواتي ومجموعة الكتب المتداولة في الحلقة، والكناوي ولباسه التقليدي، والكراب أحد خصوصيات الوظائف المتواجدة بساحة جامع الفنا.
إضافة الى فضاء خصص لعرض لوحات من الفن التشكيلي وآثار ساحة جامع الفنا على الفنانين التشكيليين المغاربة أو الاجانب فضلا على لوحات الفنان التشكيلي ماجوريل تم نقلها من متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، وفضاء مرتبط بالنقد وتطوره من خلال عرض مجموعة من المسكوكات النقدية التي سكت بالمدينة الحمراء إبان الفترة المرابطية.
ويهدف هذا المشروع، الذي يندرج في إطار تنفيذ اتفاقية التعاون الموقعة بين المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، والمؤسسة الوطنية للمتاحف، إلى الرفع من مستوى الوعي العام حول الثقافة اللامادية التي يحملها الفنانون المحليون (الحكواتيون، والشعراء، والموسيقيون، والممثلون، والراقصون، والبهلوانيون) ، وتحويل الرأس المال الثقافي إلى رأس مال اقتصادي وسياحي والحفاظ على التراث وتعزيزه والتجديد في الممارسات المحلية.
وأكد عبد العزيز الإدريسي مدير متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، أن متحف التراث اللامادي لساحة جامع الفنا سيتناول ذاكرة الساحة التاريخية المادية وأبعادها اللامادية من خلال تقديم جزء من الهيكلة الجماعية لجامع الفنا ومراكش بشكل عام، وسيشكل فرصة للانفتاح على العديد من الفنون التي تنصهر في تناغم تام مع ما تختزنه ساحة جامع الفنا التي حظيت باعتراف منظمة اليونسكو كتراث لامادي للإنسانية.
وأضاف الإدريسي أن زائر المتحف سيقف على الدور الذي لعبته ساحة جامع الفنا في تغيير مسار مجموعة من الفنانين سواء على المستوى المسرحي أوالسينمائي أو الإبداع التشكيلي، بالنظر الى أن عدد من الفنانين الأجانب ارتبطت أعمالهم بمدينة مراكش وحيوية ساحة جامع الفنا والتاريخ الفني لفضاء الحلقة للتلقي والفرجة وكتراث لامادي للإنسانية.
ومن جانبه، أوضح المهدي قطبي رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، أن هذا الفضاء التاريخي يعرض روح ساحة جامع الفنا ويعكس الجانب التاريخي والوضع الحالي للساحة الأسطورية، مشيرا الى أن المتحف يعرض أيضا الأعمال الفنية التي جعلت ساحة جامع الفناء مشهورة بفضل مبادرات العديد من الفنانين التشكيليين سواء المغاربة والأجانب.
وأضاف، أن إحداث وتدبير متحف التراث اللامادي في ساحة جامع الفناء، سيعطي صورة جديدة لمدينة مراكش عاصمة الثقافة الإفريقية ومدينة الألوان والحياة مما سيزيد من مكانتها وإشعاعها على الصعيد العالمي، مشيرا الى أن هذا المتحف الذي يعد مشروعا مجتمعيا، سيساهم في إغناء المدينة الحمراء الذائعة الصيت والمساهمة في استقطاب أكبر عدد من الزوار لاكتشاف ما تزخر به هذه المدينة من فن وثقافة.
ويعد هذا المشروع، الذي سينضاف إلى شبكة المتاحف عبر تراب المملكة، التي حظيت بدعم العديد من الشركاء من الخواص والمؤسسات الوطنية والمنظمات الدولية المهتمة بالثقافة والثراث، ثمرة شراكة بين ولاية جهة مراكش-آسفي، والمجلس الجماعي للمدينة، وبنك المغرب، والمؤسسة الوطنية للمتاحف، ويحظى بدعم منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة.
وكانت ولاية جهة مراكش، وقعت اتفاقية شراكة تتعلق بإحداث وتدبير متحف التراث اللامادي ببناية بنك المغرب، مع كل من المجلس الجماعي للمدينة والمؤسسة الوطنية للمتاحف وبنك المغرب والمديرية الجهوية للثقافة.
وبموجب هذه الاتفاقية، التي تندرج في إطار العناية المولوية السامية التي يوليها الملك محمد السادس لصيانة وتتمين الموروث التاريخي للمملكة عموما ولمدينة مراكش على وجه الخصوص، ستتولى المؤسسة الوطنية للمتاحف السهر على تجهيز المتحف وتدبير فضاءه وتنشيطه مع السعي نحو إغناء وتثمين التراث اللامادي.
وتدخل هذه الاتفاقية في إطار النهوض بالتراث اللامادي والروحي والثقافي لهذه المدينة المصنفة منذ سنة 1985 من طرف منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم – اليونسكو- ضمن لائحة التراث العالمي، علاوة على تصنيف ساحة جامع الفناء سنة 2001 تراثا شفويا عالميا نظرا لما تختزله المدينة القديمة لمراكش من إرث تاريخي يساهم في تشكيل تراث حضاري وعمراني وثقافي ذا بعد إشعاعي متميز يعزز مكانتها كقطب سياحي عالمي.