بنسليمان : تحتضن ملتقى عين مكون الثقافي
أيوب الحرفوي
احتضنت جمعية الصفاء للتنمية والثقافة والتضامن بالموقع الأثري عين مكون، دوار المعيزيين- أولاد سيدي أحمد، جماعة الردادنة أولاد مالك، إقليم بنسليمان، الملتقى السابع عشر (17) للذاكرة والتراث الثقافي بالشاوية: عين مكون: الإنسان والمجال، بتاريخ السبت 28 يناير 2023، وقد نظم هذا الملتقى بشراكة مع مختبر السرديات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن مسيك/ الدار البيضاء، ونادي القلم المغربي، وجمعية ملتقى الذاكرة والتاريخ، ومؤسسة الأحمر بنمنصور للبيئة والتنمية والثقافة، وبمساهمة جمعيات بذرة المستقبل للطفولة والشباب وجمعية الإمام مسلم بالكارة، وجمعية الأمل للتنمية والثقافة بمليلة، وقد عرف هذا الملتقى حضورا متميزا كما ونوعا وحظي بمتابعة إعلامية وازنة .
وقد قدر عدد الحضور ب400 شخص من فئات اجتماعية ومستويات مختلفة( ساكنة المنطقة، أعيان، مستشارون جماعيون بجماعات الردادنة أولاد مالك، الكارة، مليلة..، دكاترة وأساتذة جامعيون، فاعلون جمعويون محليون ووطنيون، رؤساء مؤسسات علمية واجتماعية وطنية ومحلية، كفاءات المنطقة، صحفيون، أدباء، رجال أعمال، مخرجون ومنتجون سينمائيون..)، حجوا إلى عين مكون من كل حدب وصوب وتجمعوا تحت الخيام رغم هطول أمطار الخير على المنطقة، ووعورة المسالك الطرقية.
ويأتي هذا الملتقى في سياق الملتقيات السابقة التي نظمت بالشاوية، من قبل مختبر السرديات ونادي القلم المغربي، والذي يحتفي بتراث الشاوية وثقافتها وتاريخها ورأسمالها اللامادي، ونسق أعماله الدكتور نور الدين فردي، الذي أكد في كلمته الافتتاحية على رمزية المكان التاريخية (عين مكون).
وثم تلى ذلك تقديم كلمات الجهات المنظمة(كلمة جمعية الصفاء للتنمية والثقافة والتضامن لرئيسها زكرياء عريف) والعلمية( مختبر السرديات ألقاها الدكتور والروائي شعيب حليفي)، كما عرف اللقاء كلمة مهمة للبروفسور المحجوب الهيبة أحد أبناء المنطقة، وهو رجل دولة معروف، شغل مناصب سامية منها منصب الأمين العام للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ثم عين لاحقا مندوبا ساميا لحقوق الانسان وشغل كذلك مهمة خبير دولي في اللجنة المعنية بحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة.
هذا وألقى الكلمة بالنيابة عنه الـأستاذ سعيد الهيبة مستحضرا فيها طفولته بمدرسة مكون و مؤكدا فيها التهميش الذي عرفه مسقط رأسه طيلة سنوات مضت، مبديا دعمه للجمعية المحتضنة للنشاط ومنوها بها، كما ألقيت كلمة باسم المجلس الإقليمي قدمها عضو المجلس الدكتور خليل بوعبيد أبرز فيها قيمة هذا النشاط وأهمية رفع التهميش عن المنطقة.
وجدير بالذكر أن هذا الموقع الأثري ورد ذكره في العديد من المصادر التاريخية القديمة والحديثة؛ بحكم أن هذا الموقع كان يمثل بحسب بعض الدراسات والأبحاث الأثرية مدينة بورغواطية مطمورة، وما تزال بعض المقابر وبقايا النقود شاهدة على ذلك، وهذا ما أكده الباحثان المشاركان في أعمال الملتقى أحمد سراج وخديجة خديري مؤلفا كتاب “بصمات برغواطية، دراسة حول حضارة برغواطة المنقرضة بتامسنا”
كما أن هذا الموقع كان شاهدا على أحداث تاريخية مفصلية في العصر الحديث، وفي مقدمتها معركة عين مكون (24 يناير 1908) والتي أشار إليها الدكتور علال الخديمي في محاضرته، وهو مؤرخ معروف، وقد تم تكريمه من الجمعية (المحتضنة: جمعية الصفاء للتنمية والثقافة والتضامن ) بدرع عين مكون.
ويأتي ذلك تقديرا لأبحاثه في تاريخ الشاوية والمذاكرة ، وهو درع تعتزم الجمعية المنظمة الحفاظ عليه كتقليد سنوي احتفاء بالمؤرخين والباحثين الذين كان لهم دور علمي كبير في التعريف بالمنطقة.
وكما عرف الملتقى تنظيم معرض للكتاب تضمن العديد من إصدارات نادي القلم المغربي منها كتاب : ابن عربي في مقام الشاوية، وروايات الباحث والروائي شعيب حليفي، منها رواية لا تنس ما تقول الفائزة سنة 2020 بجائزة المغرب للرواية، وآخرها سبع رسائل إلى صالح بن طريف، وإصدارات مختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك وكتب أخرى ، وقد عرف المعرض إقبالا ملحوظا.
ومن بين المداخلات الأخرى التي شهدها الملتقى مداخلات علمية من باحثين أبناء المنطقة قاربت تحولات إنسان ومجال عين مكون من منظورات سوسيولوجية وجغرافية، ألقاها على التوالي الدكتور عبد الكبير صبور الباحث في علم الاجتماع و الباحثان في سلك الدكتوراه رشيد عبيد ونبيل بنخدير، تخصص الجغرافيا، كما ختمت المداخلات بورقة للدكتور صالح شكاك حول تاريخ المذاكرة ؛ حث فيها على ضرورة استثمار ذاكرة وتراث ورموز المذاكرة في أعمال سينمائية.
وختاما تم توزيع شواهد تقدير على المشاركين من قبل جمعية الصفاء ومؤسسة الأحمر بنمصور للبيئة والتنمية والثقافة، وتلاوة التوصيات الختامية ومن جملتها المحافظة على هذا اللقاء كتقليد سنوي، وإصدار أعمال الملتقى ضمن كتاب محكم، مضافا إليه مقالات أخرى.
وقد عرف الملتقى توقيع اتفاقية شراكة وتعاون ثقافي لتبادل المعلومات والوثائق التاريخية والاشتغال على مشاريع علمية وثقافية بين جمعية الصفاء للتنمية والثقافة والتضامن، ومؤسسة الأحمر بنمنصور للبيئة والتنمية والثقافة.