سارة سوجار تكتب: قمع احتجاجات اليوم يفضح محدودية الحلول الأمنية ويؤكد أن جذور الغضب الاجتماعي أعمق من أن تُواجه بالعنف

ما وقع اليوم يعيد إلى الواجهة حقيقة راسخة: أن الدولة، رغم تراكم التجارب، ما تزال تختار القمع كآلية للتعامل مع التعبيرات الاحتجاجية. فمنذ حركة 20 فبراير، مرورا بحراك الريف وجرادة وفكيك و غيرها ….، وصولا إلى مختلف الحراكات المحلية والجهوية والفئوية، اعتمدت السلطة الاعتقال والعنف والتضييق كأدوات لإخماد أصوات المحتجين.ات. ومع ذلك، أثبت الواقع أن هذه السياسة لم تنجح في إسكات الشارع، بل زادت من تراكم الغضب ومن إصرار الناس على البحث عن أشكال جديدة وسلمية لمقاومة الظلم والتهميش.
إن التجارب السابقة تؤكد أن منطق القمع لا يؤدي إلى إنهاء الحركات الاجتماعية، بل إلى إعادة إنتاجها في صيغ مختلفة، لأن جذورها مرتبطة ببنية اجتماعية واقتصادية تعج بالاختلالات: فقر، تهميش، ولا مساواة. وكلما تجاهلت الدولة هذه الجذور البنيوية، كلما عادت موجات الاحتجاج بصور جديدة، تؤكد أن الحق في التعبير والمطالبة لا يمكن مصادرته بالقوة.
لذلك، فإن ما شهدناه اليوم من خروقات قانونية وحقوقية ـ من منع الشكل الاحتجاجي، وتعنيف المشاركات والمشاركين، واعتقالهم من الفضاء العام ـ لا يمثل فقط انتهاكا للحقوق الدستورية والالتزامات الدولية للمغرب، بل يعكس أيضا مأزقا سياسيا عميقا يتمثل في الإصرار على إعادة إنتاج نفس المقاربة الأمنية التي أثبتت محدوديتها.
وفي هذا السياق، تظهر الحاجة الملحة لوحدة صف الديمقراطيين.ات والحقوقيين والحقوقيات، للعمل معا على ايقاف هذا النزيف، وضمان حماية الحقوق والحريات الأساسية، وترسيخ ثقافة الحوار والتفاعل الديمقراطي.
إن القمع لن يوقف مسار الاحتجاج والنضال، بل يرسخ قناعة أوسع بأن التغيير لن يتحقق إلا بمزيد من التنظيم، والتعبئة، والإصرار على المطالبة بالحقوق بطرق سلمية تعكس شرعية المطالب وقوة الإرادة الشعبية.