قصة بوعبيد.. حين تحولت خطوة احتجاجية إلى مأساة .. من معتصم يطالب بفتح تحقيق في وفاة والده إلى معتد على رجل من الوقاية المدنية الى شخص معلق في حبل بين الحياة والموت

تحول اعتصام فردي بدأ بمطالب إنسانية إلى واحدة من أكثر الوقائع إثارة للجدل في جهة بني ملال خنيفرة والمغرب ، بعدما وجد الشاب “بوعبيد” نفسه معلّقًا بين الحياة والموت، إثر سقوطه من فوق خزان مائي (“شاطو”) بمنطقة أولاد يوسف على بعد 15 كلم على مركز بني ملال ، في مشهد مأساوي وثّقته عدسات الهواتف والصحافة وانتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي.
القصة بدأت قبل حوالي أسبوعين ، حين اختار الشاب الثلاثيني أن يصعّد من احتجاجه بعدم استجابة الجهات المعنية لمطلبه الرئيسي: فتح تحقيق في ظروف وفاة والده، والتي كان يعتبرها “غامضة” وتستحق الإنصاف، وفق ما صرّح به في فيديوهات بثها مباشرة من فوق الخزان. رفض النزول، وتشبث بالبقاء في مكان مرتفع، بعيد عن الأرض التي شعر أنها لم تمنحه لا العدل ولا الأمان.
مع مرور الأيام، بدأ جسده ينهار تدريجيًا تحت شمس يوليوز اللاهبة التي بلغت 45 درجة. ومع ذلك، ظل صامدًا، مصممًا على المضي في معركته حتى النهاية. لكن ما لم يكن في الحسبان، هو أن التوتر سيبلغ ذروته، ويتحوّل الاحتجاج الفردي إلى سلوك خطير وعنيف، حين أقدم بوعبيد، يوم الجمعة، على احتجاز عنصر من الوقاية المدنية، بعد أن حاول هذا الأخير تزويده بالماء والطعام.
الاحتجاز دام لأكثر من أربع ساعات، بداء باعتداء جسدي خلّف إصابات خطيرة في صفوف عنصر الوقاية بعدها بدقائق ظهر بوعيد وهو يضمض حراح عنصر الوقاية المدنية في مشهد إنساني قلا ان يعمد على بوعبيد مرة اخرى على ربطه .. وبعد مرور 4 ساعات سقط عنصر الوقاية المدنية وهو شاب من إبان اولاد مبارك ضواحي بني ملال في “كونفلور” سرير هوائي تابعة للوقاية المدنية وعلى الأرجح انه هرب من بوعبيد في غفلة منه، استدعت نقله هو الآخر إلى احدى المصحات الخاصة في بني ملال، وسط استنفار أمني كبير.
ولم تمضِ ساعات قليلة حتى حدثت الكارثة. فخلال تدخل أمني جديد من فرقة خاصة قدمت من الرباط لمحاولة ثنيه عن الاستمرار في الاعتصام، وإقناعه بالنزول بشكل سلمي، اختل توازن بوعبيد، وهو يضع حبلاً حول عنقه، وسقط من أعلى الخزان في لحظة مأساوية رصدتها الكاميرات وامام أعين الجميع
في الفيديوهات المنشورة ، يظهر جسده وهو يتدلى من الحبل لبضع ثوانٍ حوالي 35 ثانية، قبل أن يتدخل أحد عناصر الدرك الملكي بسرعة، ويتمكن من الصعود وقطع الحبل، ليسقط الشاب بقوة على “كونفلور” سريرا هوائي
تم نقله على وجه السرعة إلى قسم العناية المركزة بالمستشفى الجهوي ببني ملال، حيث لا يزال يرقد في حالة حرجة، وسط حالة من الترقب والقلق بين أفراد أسرته وسكان منطقته.
الواقعة فتحت الباب أمام موجة من ردود الفعل المتباينة. ففي الوقت الذي عبّر فيه البعض عن تعاطفهم مع قصة الشاب ومطالبه، خاصة في ظل الوضعية الاجتماعية الصعبة التي يعيشها، دعا آخرون إلى فتح تحقيق جدي في ملابسات الواقعة، من بدايتها إلى لحظة سقوطه، بما في ذلك تقييم سلوك الأجهزة المكلفة بتدبير مثل هذه الحالات الحساسة.
وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات، تبقى قصة بوعبيد واحدة من النماذج المؤلمة التي تكشف هشاشة قنوات التواصل بين المواطن البسيط والمؤسسات، حين يختار أحدهم أن يصعد إلى الأعلى، فقط من أجل أن يُسمع صوته، قبل أن يسقط بصمت مدوٍّ